افادت تقارير سورية محلية صادرة يوم السبت، 5 أبريل/نيسان، بتعيين ماهر الشرع، شقيق الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع، في منصب الأمين العام لرئاسة الجمهورية. يأتي هذا التعيين في وقت تشهد فيه البلاد مرحلة حساسة من التحول السياسي بعد سقوط نظام بشار الأسد، وفي خضم محاولات حثيثة لإعادة بناء مؤسسات الدولة وفق نظام جديد يوصف بـ"الانتقالي".
ويُعد الشرع، البالغ من العمر 52 عامًا، شخصية ذات خلفية علمية وإدارية؛ إذ يحمل درجة الدكتوراه في العلوم الطبية، بالإضافة إلى دبلوم في إدارة النظم الصحية، وقد شغل سابقًا منصب وزير الصحة بالوكالة في الحكومة الانتقالية التي شكّلها محمد البشير، كما كان قد شغل منصب مستشار لوزير الصحة في حكومة الإنقاذ قبيل تعيينه وزيرًا في ديسمبر/كانون الأول 2024.
تحليل سياسي للنوايا والخلفيات: إعادة إنتاج النخبة أم خطوة نحو الاستقرار؟
من منظور سياسي، لا يمكن قراءة هذا التعيين كقرار إداري صرف، بل ينبغي وضعه ضمن سياق إعادة تشكيل بنية السلطة في سوريا ما بعد الأسد. تعيين شقيق الرئيس في موقع تنفيذي حسّاس كرئاسة الأمانة العامة، وهو جهاز محوري في صناعة القرار الرئاسي، يثير تساؤلات حول توجه المرحلة الانتقالية: هل نحن أمام تحول ناعم نحو نظام رئاسي عائلي جديد؟ أم أن التعيين يأتي في سياق تعزيز الثقة والكفاءة خلال فترة شديدة التعقيد سياسياً وإدارياً؟
هذه الخطوة تذكّر بأنظمة شهدت تحوّلات انتقالية مشابهة، حيث شهدت تونس ما بعد الثورة والعراق بعد 2003 حالات مشابهة تم فيها تعيين مقربين أو أقرباء من رأس السلطة في مواقع حساسة، تحت ذريعة "الخبرة والثقة". ولكن كثيراً ما تحول ذلك إلى نمط محاصصة أسرية أو سياسية، أثبت لاحقاً محدوديته في دعم الانتقال الديمقراطي.
مقارنة مع أنظمة أخرى: النمط الشخصي مقابل المؤسسي
في الدول التي نجحت في الانتقال السياسي –مثل جنوب أفريقيا أو تشيلي– تم الفصل الصارم بين مؤسسات الدولة ومراكز النفوذ الشخصي أو العائلي، وارتكزت آليات التعيين على معايير مهنية وشفافة تعزز الثقة الشعبية والدولية.
في المقابل، التعيينات ذات الطابع العائلي أو الشخصي، كما في مصر عقب 2011 أو ليبيا خلال فترات المجلس الانتقالي، أضعفت الثقة بالمؤسسات، وفسّرت على أنها مقدمات لإعادة إنتاج النمط الاستبدادي السابق بوجه جديد.
خلاصة: خطوة دقيقة في ميزان الانتقال السياسي
يمكن فهم تعيين ماهر الشرع في هذا المنصب على أنه محاولة لتثبيت بنية ولاء وثقة داخل النواة الصلبة للسلطة الانتقالية، وهو أمر مفهوم في سياق الحاجة إلى الاستقرار الإداري، لكنه يحمل في الوقت نفسه مخاطر على مستوى الرسائل السياسية الموجهة للداخل والخارج، خاصة إذا ما تم دون شفافية أو مشاركة مجتمعية في اتخاذ القرار.
ما سيحسم تقييم هذا التعيين لاحقًا هو سلوك النظام الانتقالي بأكمله: هل سيبقى محصورًا في دائرة مغلقة من النخبة، أم سيتجه نحو بناء دولة مؤسسات تتجاوز الشخصنة وتؤسس لمرحلة جديدة بالفعل؟
مرتبط