تأثير الحرب التجارية والقرارات الاقتصادية على أسواق السلع والعملات: النفط، الذهب والنحاس تحت الضغط

قد يؤدي التصعيد الأخير في التنافس التجاري بين الولايات المتحدة والصين إلى تحول ملحوظ في حركة الأسواق العالمية هذا الأسبوع، حيث يشير الوضع الراهن إلى تراجع محتمل في أسعار بعض السلع الأساسية، وفي مقدمتها النفط والذهب والنحاس. ويأتي هذا في وقت يعاني فيه المستثمرون من ضعف في القراءات التقنية لبعض الأسواق، فضلاً عن التوقعات السلبية التي قد تصدر عن منظمة أوبك وغيرها من الهيئات المعنية بقطاع الطاقة، مما يزيد من الضغوط على هذه الأسواق.


النفط تحت الضغط


النفط يشهد ضغوطًا كبيرة نتيجة للصراع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، والذي يزيد من المخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد العالمي. التهديدات التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض تعريفات جمركية إضافية على البضائع الصينية قد تؤدي إلى تراجع الطلب العالمي على النفط، مما يدفع أسعاره إلى الانخفاض. في الوقت نفسه، يزداد تأثير الدولار الأمريكي على السوق، مما يساهم في ضعف المعدن الأصفر. وتكهنات السوق تشير إلى أن سعر البرميل قد ينخفض ليصل إلى حوالي 65 دولارًا، وهو مستوى يشكل ضغطًا كبيرًا على الأسواق التي تعتمد على إيرادات النفط.


الذهب في مواجهة الدولار


من جهة أخرى، يشهد الذهب تراجعًا أمام الدولار الأمريكي في ظل زيادة الطلب على العملة الأمريكية باعتبارها ملاذًا آمنًا في أوقات الأزمات الاقتصادية. تزامنًا مع تحسن مؤشرات الاقتصاد الأمريكي ورفع احتمالية زيادات إضافية في أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، يزداد الضغط على أسعار الذهب. في هذا السياق، يلاحظ العديد من المحللين أن الذهب قد يواجه مزيدًا من الانخفاضات ليختبر مستويات منخفضة جديدة قد تصل إلى 1,167 دولار للأونصة، وهو مستوى كان قد بلغه في أغسطس الماضي.
ويظهر التحليل الفني على بعض المنصات الرقمية أن الذهب قد يجد بعض الدعم في مستويات أسعار قريبة من 1,195 دولار للأونصة، ولكن التوقعات تشير إلى أن سوق الذهب قد يظل في حالة محايدة لفترة من الوقت، خاصة في ظل تنامي قوة الدولار وتزايد التفاؤل بشأن الاقتصاد الأمريكي.


النحاس وتهديدات التعريفات


النحاس، الذي يعتبر من السلع الصناعية الحيوية، يواجه هو الآخر ضغوطًا كبيرة نتيجة للتحذيرات المستمرة من ترامب بفرض تعريفات على البضائع الصينية. يعتبر النحاس من أبرز المواد التي تستوردها الصين من الولايات المتحدة، وبالتالي فإن أي تعثر في العلاقات التجارية بين البلدين قد يؤدي إلى تراجع الطلب عليه، وهو ما ينعكس بدوره على أسعار النحاس. وقد أظهرت البيانات الأخيرة أن المضاربين قد بدأوا في مغادرة مراكزهم الطويلة على النحاس بسبب المخاوف من تصعيد الحرب التجارية. وفي ظل هذه الأجواء، تراجع سعر النحاس في الأسواق بنسبة 2.4% خلال الأسبوع الماضي، ليصل إلى 2.62 دولار للرطل.


أسعار السلع الغذائية والزراعية


أسعار السلع الغذائية في الوقت الراهن تشهد تقلبات ملحوظة نتيجة للعديد من العوامل الاقتصادية العالمية والمحلية. تختلف أسعار المواد الغذائية بشكل كبير بين الأسواق الدولية والمحلية، وتعتمد على عدة عوامل رئيسية مثل تغيرات الطقس، الأزمات السياسية والاقتصادية، وتقلبات أسعار الطاقة. إليك بعض الاتجاهات العامة للأسعار في الوقت الراهن:


القمح: تأثر الأسعار بالتوترات التجارية


في ظل الأوضاع الاقتصادية والجيوسياسية الراهنة، يشهد القمح ارتفاعًا ملحوظًا في أسعاره عالميًا، ويرجع ذلك إلى تزايد التوترات بين الولايات المتحدة والصين، والتي أسفرت عن تغييرات في تدفقات التجارة العالمية. الصين، التي تعد من أكبر مستوردي القمح في العالم، قد تأثرت بشكل كبير من الرسوم الجمركية المفروضة على السلع الزراعية الأمريكية، مما أدى إلى انخفاض حجم الواردات الصينية من القمح الأمريكي لصالح دول أخرى مثل روسيا وكندا. في الأسواق العالمية، يتراوح سعر طن القمح بين 250 و300 دولار أمريكي، بينما في سوريا، يسجل سعر كيلو القمح المحلي بين 2,500 و3,000 ليرة سورية، في ظل تذبذب الأسعار بشكل عام.


الزيوت النباتية: أزمة الإمدادات وارتفاع الأسعار


مع تصاعد التنافس بين الصين والولايات المتحدة على السلع الزراعية الأساسية، بما في ذلك الزيوت النباتية، شهدت هذه السلع زيادات كبيرة في الأسعار. في هذا السياق، تلعب الأزمات الجيوسياسية دورًا كبيرًا، حيث أن الحرب التجارية بين البلدين قد أدت إلى اختلالات في سلسلة الإمدادات، خاصة مع تراجع الصادرات من بعض البلدان المنتجة مثل أوكرانيا وروسيا. نتيجة لذلك، سجلت أسعار الزيوت النباتية ارتفاعًا ملحوظًا في الأسواق العالمية. في سوريا، يتراوح سعر لتر الزيت النباتي بين 15,000 و18,000 ليرة سورية، وفقًا للعلامة التجارية والمصدر

الخضروات والفواكه: تأثيرات المناخ والسياسات التجارية


تؤثر السياسات التجارية الدولية والتغيرات المناخية بشكل كبير على أسعار الخضروات والفواكه. في ظل التوترات بين الولايات المتحدة والصين، قد تواجه الأسواق اضطرابات في إمدادات بعض الخضروات والفواكه التي تعتمد على الصادرات من هذه الدول. في الوقت نفسه، تؤثر العوامل المناخية مثل الجفاف أو الفيضانات في بعض المناطق المنتجة على الأسعار بشكل مباشر. في سوريا، تختلف أسعار الخضروات حسب الموسم، حيث يتراوح سعر كيلو البطاطا بين 1,500 و2,500 ليرة سورية، بينما يتراوح سعر كيلو الطماطم بين 2,500 و3,000 ليرة سورية.


قرارات هامة تنتظر الأسواق


خلال هذا الأسبوع، يترقب المستثمرون عددًا من القرارات الاقتصادية الهامة التي قد تؤثر على حركة الأسواق. من أبرز هذه القرارات هي تلك المتعلقة بأسعار الفائدة من بنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي، بالإضافة إلى التقرير المرتقب عن مبيعات التجزئة لشهر أغسطس من الولايات المتحدة. هذه القرارات قد تلعب دورًا محوريًا في تحديد الاتجاهات المستقبلية للأسواق العالمية، خصوصًا في ظل غموض المشهد الاقتصادي العالمي.


أسعار الذهب في سوريا


على الصعيد المحلي في سوريا، تتأثر أسعار الذهب بالتقلبات العالمية وكذلك بالظروف الاقتصادية الداخلية. في دمشق، سجل سعر الذهب عيار 21 قيراطًا حوالي 300,000 ليرة سورية للأونصة، بينما في حلب والقامشلي، تتفاوت الأسعار بشكل طفيف حيث سجلت الأسعار في حلب حوالي 298,000 ليرة سورية للأونصة. هذه الزيادة الطفيفة في الأسعار تتزامن مع الارتفاعات العالمية في أسعار الذهب، خاصة في ظل التوترات الاقتصادية العالمية.


تبدو الأسواق العالمية أمام تحديات كبيرة في ظل تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على أسعار السلع والعملات. في هذا السياق، من المتوقع أن يستمر الضغط على أسعار النفط والذهب والنحاس، في حين قد تشهد السلع الزراعية بعض التذبذبات في الأسعار.
تبدو الأسواق العالمية أمام تحديات كبيرة في ظل تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على أسعار السلع والعملات. في هذا السياق، من المتوقع أن يستمر الضغط على أسعار النفط والذهب والنحاس، في حين قد تشهد السلع الزراعية بعض التذبذبات في الأسعار.