وزير العدل السوري الحديد…. من فتاوي الجهاد إلى ميزان العدالة!


مقدمة: العدل على طريقة هيئة تحرير الشام!

مع إعلان الحكومة السورية الانتقالية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، كان تعيين مظهر الويس وزيراً للعدل قراراً أثار موجة من الجدل والاستنكار داخل الأوساط السورية. فالرجل، المعروف بخطابه التحريضي والطائفي، يتولى منصباً من المفترض أن يكون عنواناً للعدالة والنزاهة. فما هي خلفيات هذا التعيين؟ وما تداعياته على المشهد السياسي السوري؟

من هو مظهر الويس؟ طبيب تحوّل إلى مشرّع للجهاد!

وُلد مظهر الويس عام 1980 في بلدة العشارة بمحافظة دير الزور. درس الطب البشري في جامعة دمشق قبل أن يتوجه لدراسة الفقه المقارن في معهد الفتح الإسلامي. يُعرف عنه تأثره العميق بكتابات الشيخ محمد وسيد قطب، اللذين يعتبران من المنظرين الأساسيين للحركات الجهادية الحديثة.
في عام 2008، اعتُقل الويس من قبل المخابرات السورية وأودع في سجن صيدنايا، حيث أمضى ثماني سنوات وشهد انتفاضات السجناء الإسلاميين. بعد خروجه في 2014، تولى مناصب قيادية عدة داخل "هيئة تحرير الشام"، التنظيم الذي كان يُعرف سابقاً باسم "جبهة النصرة"، وله ارتباطات بتنظيمي "القاعدة" و"داعش".

المسار السياسي والشرعي: من التوجيه الشرعي إلى قاضي القضاة!

بعد انشقاق "جبهة النصرة" عن "داعش" في 2013، ترأس الويس "الهيئة الشرعية في المنطقة الشرقية"، ثم شغل مناصب مؤثرة في "هيئة تحرير الشام"، أبرزها رئاسة الإدارة العامة للتوجيه الشرعي وعضوية مجلس الشورى، إضافة إلى تأسيس "مجلس شورى أهل العلم في الشام".
في حكومة "الإنقاذ" بإدلب، تولى رئاسة "المجلس الأعلى للقضاء"، مما رسّخ نفوذه في القضاء الشرعي للمناطق الخاضعة لسيطرة "هيئة تحرير الشام"، قبل أن يتم تعيينه مؤخراً وزيراً للعدل في الحكومة السورية الانتقالية.

الويس والتحريض على الأقليات: عدالة على مقاس واحد!

أثارت تعيينات الحكومة الجديدة، وخاصة منصب الويس، سخطاً واسعاً بين السوريين، لا سيما أن تاريخه مليء بالتصريحات التي تحرض ضد الأقليات الدينية والإثنية في سوريا. وثّق ناشطون تغريدات قديمة للويس عبر منصة "إكس" (تويتر سابقاً) يهاجم فيها العلويين، الشيعة، الدروز، والأكراد، فضلاً عن انتقاده الشديد لـ "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد). ونتيجة للضغط الشعبي، أقدم الويس على إغلاق حسابه، لكنه عاد وفتحه لاحقاً بعد حذف التغريدات المثيرة للجدل، في خطوة لم تُخفّف من حدة الغضب تجاهه.

انعكاسات التعيين على المشهد السوري: عدالة بطعم التشدد؟

يثير وجود شخصية مثل مظهر الويس في منصب وزير العدل تساؤلات جوهرية حول مستقبل العدالة في سوريا. كيف يمكن لرجل له سجل واضح في الخطاب الطائفي أن يكون مسؤولاً عن تحقيق العدالة بين مختلف مكونات المجتمع السوري؟ هذه التساؤلات تضعف الثقة بالحكومة الانتقالية وتزيد من التوترات السياسية والاجتماعية.

خاتمة: العدل ليس للجميع!

يبقى تعيين مظهر الويس وزيراً للعدل خطوة مثيرة للجدل، تعكس تعقيدات المشهد السوري وإرث الصراع السياسي والديني في البلاد. وبينما تسعى الحكومة الانتقالية إلى تثبيت شرعيتها، فإن تعيين شخصيات ذات خلفيات متشددة قد يعمّق الانقسامات، بدلاً من تمهيد الطريق نحو مصالحة وطنية حقيقية